كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فهؤلاء نصارى الشام كانوا ملء (¬١) الشام ثم صاروا مسلمين إلا النادر، فصاروا في المسلمين كالشعرة السوداء في الثور الأبيض.
وكذلك المجوس كانت أمةً لا يُحْصِي (¬٢) عدَدَهُمْ إلا الله فأطبقوا على الإسلام لم يتخلَّفْ منهم إلا النادر، وصارت بلادهم بلاد إسلام، وصار مَنْ لم يُسْلِم منهم تحت الجزية والذلة (¬٣) .
وكذلك اليهود أسلم أكثرهم ولم يَبْقَ منهم إلا شِرْذِمَةٌ قليلة مقطَّعة في البلاد.
فقول هذا الجاهل؛ (إن هاتين الأمتين لا يحصي عددهم إلا الله كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -) = كذبٌ ظاهر وبَهْتٌ مبين، حتى لو كانوا كلُّهم قد أجمعوا على اختيار الكفر لكانوا في ذلك أُسوةَ قومِ نوحٍ، وقد أقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله ويريهم من الآيات ما يقيم حجة الله عليهم، وقد أطبقوا على الكفر (¬٤) إلا قليلًا (¬٥) منهم كما قال تعالى:
{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: ٤٠].
وهم كانوا أضعافَ أضعافِ هاتين الأُمتين الكافرتين أهلِ الغضب وأهل الضَّلال.
---------------
(¬١) في "ب، ج": "أهل".
(¬٢) في "ب": "تحصى".
(¬٣) ساقط من "ج".
(¬٤) في "ب": "اختيار الكفر".
(¬٥) في "غ": "قليل".

الصفحة 32