كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: ١٣٧].
وكانوا قد أطبقوا على تكذيب المسيح وجحدوا نبوته، وفيهم الأحبار والعُبَّاد والعلماء حتى آمن به الحَوَارِيُّون. فإذا جاز على اليهود -وفيهم الأحبار والعُبَّاد والزُّهَّاد وغيرهم- الإطباقُ على جَحْدِ نبوَّة المسيح والكفر به -مع ظهور آيات صدقه كالشمس- جاز عليهم إنكار نبوة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، ومعلومٌ أنَّ جواز ذلك على أُمَّة الضلال الذين هم أضلُّ من الأنعام -وهم النصارى- أَوْلَى وأَحْرَى.
فهذا السؤال الذي أَوْرَدَهُ هذا السائلُ واردٌ بعينه في حقِّ كلِّ نبيٍّ كذَّبَتْهُ أمةٌ من الأمم.
فإنْ صوَّبَ هذا السائلُ رأيَ تلك الأمم (¬١) كلِّها فقد كفر بجميع الرسل، وإنْ قال: إنَّ الأنبياء كانوا على الحقِّ وكانت تلك الأمم -مع كثرتها ووفور عقولها- على الباطل فلأنْ (¬٢) يكون المكذِّبون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - -وهم الأقلون الأذلون الأرذلون من هذه الطوائف- على الباطل أَوْلَى وأحرى.
وأي أمة من الأمم اعْتبَرْتَهَا وجدتَ المصدِّقين بنبوة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - جمهورَهَا، وأقلُّها وأراذلُها (¬٣) هم الجاحدون لنبوَّته.
فرقعة الإِسلام قد اتَّسعتْ في مشارق الأرض ومغاربها غايةَ الاتِّساع
---------------
(¬١) في "ب": "الأمة".
(¬٢) في "ب، ص، ج": "فلئن".
(¬٣) في "ج، غ": "رذالها".

الصفحة 34