كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بدخولِ هذه الأمم في دينه (وتَصديقِهم برسالته، وبقي مَنْ لم يدخلْ منهم في دينه، وهم من كلِّ أمةٍ أقلُّها) (¬١) . وأين يقع النصارى المكذِّبون برسالته اليومَ من أمة النصرانيَّةِ الذين كانوا قبله؟!
وكذلك اليهودُ والمجوسُ والصَّابِئَةُ؛ لا نسبة للمكذِّبين برسالتهِ بعد بَعْثِهِ إلى جملة تلك الأمة قبل بَعْثهِ.
وقد أخبر -تعالى- عن الأمم التي أطبقت على تكذيب الرسل ودمَّرها الله -تعالى- فقال تعالى:
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ٤٤].
فأخبر عن هؤلاء الأمم أنهم تطابقوا على تكذيب رسلهم وأنه عمَّهم بالإهلاك.
وقال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: ٥٢ - ٥٣].
ومعلوم قطعًا أنَّ الله -تعالى- لم يهلك هذه الأُممَ الكثيرةَ إلا بعد ما تبيَّن لهم الهدى، فاختاروا عليه الكفْرَ، ولو لم يتبيَّنْ لهمُ الهدى لم يُهْلِكْهُمْ، كما قال تعالى:
{وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: ٥٩].
وقال تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا
---------------
(¬١) ساقط من "ب".

الصفحة 35