كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولا يشكُّ مَنْ له أدنى عقلٍ أن إطباقَ أكثر الأمم على متابعة هذا النبيِّ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وخروجَهم عن ديارهم وأموالهم، ومعاداتهم آباءهم وأبناءهم وعشائرهم في متابعته، وبذلهم نفوسهم بين يديه = من أمحل المحال، فتجويز اختيارِهم الكُفْرَ بعد تَبَيُّنِ الهدى على شرذمة قليلة حقيرة لها أغراض عديدة من هاتين الأمتين أوْلى من تجويز ذلك على المسلمين الذين طبقوا مشارق الأرض ومغاربها، وهم أَعْقَلُ الأمم وأكملُها (¬١) في جميع خصال الفضل.
وأين عقول عُبَّادِ العجل وعُبَّاد الصَّليب الذين أضحكوا سائر العقلاء على عقولهم ودلُّوهم على مبلغها بما قالوه في معبودهم من عقول المسلمين؟!!.
وإذا جاز اتِّفاقُ أمةٍ -فيها من قد ذكره هذا السائل- على أنَّ ربَّ العالمين وخالقَ السمواتِ والأَرَضِيْن نزل عن عرشه وكرسيِّ عظمتِه ودخل في بطن امرأةٍ في محل الحيض والطمث عِدَّةَ شهور ثم خرج من فرجها (¬٢) طفلًا يمصُّ الثدي ويبكي، ويكبر شيئًا فشيئًا، ويأكل ويشرب ويبول، ويصحُّ (¬٣) ويمرض، ويفرح ويحزن، ويَلَذُّ ويألم، ثم دبَّر حيلةً على عدوه إبليس بأنْ مكَّن أعداءَه اليهود من نفسه، فأمسكوه وساقوه إلى خشبتين يصلبونه عليهما، وهم يجرُّونه إلى الصلب، والأَوباشُ والأرذال (¬٤) قدَّامه وخلفه وعن يمينه وعن يساره، وهو يستغيث ويبكي
---------------
(¬١) في "غ": "أعقلها".
(¬٢) في "غ": "خرجها".
(¬٣) في "ب، ج": "يصيح".
(¬٤) في "غ": "الأراذل".

الصفحة 37