كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فقرَّبوه (¬١) من الخشبتين، ثم توَّجُوه بتاج من الشوك، وأوجعوه (¬٢) صفعًا، ثم حملوه على الصليب وسَمَرُوا يديه ورِجْليْه وجعلوه بين لصين (¬٣) ، وهو الذي اختار هذا كلَّه لتتمَّ له الحيلة على إبليس ليخلِّص آدم وسائر الأنبياء من سجنه، ففداهم بنفسه حتى خلصوا من سجن إبليس.
وإذا جاز اتِّفاقُ هذه الأُمةِ -وفيهم الأحبار والرُّهْبَان والقِسِّيسُون والزُهَّاد والعُبَّاد والفقهاء ومن ذكرتم- على هذا القول في معبودهم وإلهِهِم حتى قال قائلٌ منهم وهو من أكابرهم عندهم: "اليد التي (¬٤) خلقت آدم هي التي باشرت المسامير ونالت الصَّلْب"، فكيف لا يجوز عليهم الاتِّفاقُ على تكذيب مَنْ جاء بتكفيرهم وتضليلهم، ونادى سرًّا وجهرًا بكَذِبِهِمْ على الله وشَتْمِهمْ له أقْبَحَ شتمٍ، وكذبهم على المسيح، وتبديلهَم دينه، وعادَاهمِ وقاتَلَهم، وبرَّأهم من المسيح وبرَّأه منهم، وأخبر أنهم وَقُودُ النَّار وحصَبُ جهنَّم، فهذا أحد الأسباب التي اختاروا لأجلها الكُفْرَ على الإيمان. وهو من أعظم الأسباب!
فقولكم: إنَّ المسلمين يقولون إنهم لم يمنعْهُمْ من الدخول في الإسلام إلا الرِّيَاسة والمأكلة لا غير = كذبٌ على المسلمين.
بل الرياسة والمأكلة من جملة الأسباب المانعة لهم من الدخول في الدين.
---------------
(¬١) في "ص، غ": "فقدموه".
(¬٢) في "ج": "صفعوه".
(¬٣) إشارة إلى ما جاء في إنجيل متى: إصحاح (٢٧): أن اليهود صلبوه ومعه لصَّان واحد عن يمين وواحد عن يسار. وانظر فيما سيأتي ص (٢٥٢).
(¬٤) في "غ": "الذي".

الصفحة 38