كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقد نَاظَرْنَا (¬١) -نحن وغيرُنَا- جماعةً منهم، فلما تبين لبعضهم فَسَادُ ما هم عليه قالوا: لو دخلنا في الإسلام لَكُنَّا من أقلِّ المسلمين لا يُؤْبَهُ لنا، ونحن مُتَحَكِّمون في أهل ملَّتِنا، في أموالهم ومناصبهم، ولنا بينهم أعظم الجاه!
وهل مَنَعَ فرعونَ وقومَهُ من اتِّباع موسى إلا ذلك؟!.
والأسباب المانعة من قَبُول (¬٢) الحقِّ كثيرة جدًّا.
فمنها: الجهل به، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس، فإن من جهل شيئًا عاداه وعادى أهله.
فإِنِ انْضَافَ إلى هذا السبب بُغْضُ مَنْ أَمَرَهُ بالحقِّ ومُعاداتُهُ له وحَسَدُهُ كان المانع من القَبُول أقوى.
فإنِ انْضَاف إلى ذلك إِلْفُهُ وعادتُه ومَرْبَاهُ على ما كان عليه آباؤه ومن يحبُّه ويعظِّمه: قَوِيَ المانعُ.
فإنِ انْضافَ إلى ذلك توهُّمُه أنَّ الحقَّ الذي دُعِيَ إليه يحول بينه وبين جاههِ وعزهِ وشهواتِه وأغراضهِ: قويَ المانعُ من القَبول جدًّا.
فإنِ انْضَاف إلى ذلك خوفُه من أصحابه وعشيرته وقومه على نفسه وماله وجاهه، كما وقع لهرقل ملك النصارى بالشام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - = ازداد المانع من قَبُول الحقِّ قوةً، فإنَّ هِرَقْلَ عرف الحقَّ وهَمَّ
---------------
(¬١) في "غ": "ناظر".
(¬٢) في "ب": "قبل" وفي "ج": "قول".

الصفحة 39