كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قال ابن البطريق (¬١) : فهذه كانت مقالة أريوس ولكن الثلاثمائة (وثمانية عشر) (¬٢) أسقفًّا تعدَّوا عليه وحرَّفوه (¬٣) ظلمًا وعدوانًا، فردَّ عليه بترك الإسكندرية، وقال: أما أريوس فلم تكذب عليه الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفًّا ولا ظلموه لأنه إنما قال: الابن خالق الأشياء دون الأب، وإذا كانت الأشياء إنما خلقت بالابن دون أن يكون الأب لها خالقًا فقد أعطى أنه ما خلق منها شيئًا، وفي ذلك تكذيب قوله: "الأب يخلق، وأنا أخلق" (¬٤) وقال: "إن أنا لم أعمل عمل أبي فلا تصدقوني" (¬٥) ، وقال: "كما أن الأب يحيي من يشاء ويميته كذلك الابن يحيي من يشاء ويميته" (¬٦) قالوا: فدلَّ على أنه يحيي ويخلق، وفي هذا تكذيب لمن زعم أنه ليس بخالق، وإنما خُلِقت الأشياءُ به دون أن يكون خالقًا.
وأما قولك: إنَّ الأشياء كُوِّنت به؛ فإنَّا لما قلنا: لا شك أنَّ المسيح حيٌّ فَعَّال (¬٧) ، وكان قد دلَّ بقوله: "إني أفعل الخلق والحياة" = كان قولك: به كُوِّنَتِ الأشياء إنما هو راجع في المعنى إلى أنه كوَّنَها وكانت به مكوَّنة، ولو (¬٨) لم يكن ذلك لتناقض القولان.
---------------
(¬١) "تاريخ ابن البطريق": (١/ ١٣١).
(¬٢) في "ب" صححت إلى "الثلاثة عشر".
(¬٣) في "ص": "جرموه".
(¬٤) إنجيل يوحنا: (٥/ ١٧).
(¬٥) إنجيل يوحنا: (٥/ ٣٦).
(¬٦) إنجيل يوحنا: (٥/ ٢١).
(¬٧) في "ج": "فقال".
(¬٨) ساقطة من "ج".

الصفحة 405