كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
والأقاليم والجبال والأنهار.
فإن جاز القَدْحُ في ذلك كلِّه، فالقدحُ في وجود عيسى وموسى وآياتِ نبوتهما أَجْوَزُ وأجوز، وإن امتنع القَدْح فيهما وفي آيات نبوتهما فامتناعه في محمد - صلى الله عليه وسلم - وآيات نبوته أشدُّ.
ولذلك (¬١) لمَّا علم بعضُ علماءِ أهلِ الكتاب أنَّ الإيمان بموسى لا يتمُّ مع التكذيب بمحمد أبدًا = (كَفَر بالجميع) (¬٢) ، وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: ٩١].
قال سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: جاء رجل من اليهود، يقال له مالكُ بنُ الصَّيف، يخاصم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَنشُدكَ بالذي أنزل التوراةَ على موسى، أمَا تجدُ في التوراة أنَّ الله يبغض الحَبْرَ السَّمين؟! "-وكان حبرًا سمينًا- فغضب عدوُّ الله وقال: والله (ما أنزل الله) (¬٣) على بشرٍ من شيء. فقال له أصحابه الذين معه: ويحك ولا موسى؟ فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء. فأنزل الله عز وجل {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (¬٤) الآية
---------------
(¬١) في "غ، ص": "وكذلك".
(¬٢) في "غ" تصحفت إلى: "كفرنا بجميع".
(¬٣) ساقط من "غ".
(¬٤) أخرجه الطبري: (١١/ ٥٢١ - ٥٢٢)، والواحدي في "أسباب النزول" ص (٢٥٣)، وابن هشام في "السيرة": (١/ ٥٤٧). وانظر "تفسير البغوي": (٢/ ٤٣).