كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فقالوا: ويحك يا فلان! وهذا كائن أنَّ الناس يُبْعَثُونَ بعد موتهم إلى دارٍ فيها جنَّةٌ ونارٌ يُجْزَوْنَ بأعمالهم؟!
قال: نعم، والذي يُحْلَف به لوددت أَنَّ حَظِّي من تلك النار أن توقدوا أعظم تَنُّورٍ في داركم فتحمونه ثم تقذفوني فيه، ثم تطبقون عليَّ، وأَنِّي أنجو من النار غدًا.
فقيل: يا فلان! ما علامة ذلك؟
قال: نبيٌّ يُبْعَثُ من ناحيةِ هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكةَ واليمن.
قالوا: فمتى نراه؟ فرمى بطَرْفِهِ فرآني -وأنا مضطجع بفناء باب أهلي، وأنا أَحْدَثُ القوم- فقال: إنْ يَسْتنفِد هذا الغلام عُمرَهُ يُدْرِكْهُ. فما ذهب الليل والنهار حتى بعث اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - وإنه لحيٌّ بين أَظْهُرِنَا، فآمنَّا به وصدَّقْنَاه، وكفر به بغيًا وحسدًا، فقلنا: يا فلان ألستَ الذي قلتَ ما قلتَ وأخبرتنَا به؟! قال: ليس به (¬١) .
قال ابن إسحاق: وحدَّثني عاصمُ بنُ عُمَرَ بن قَتَادةَ قال: حدَّثني أشْيَاخٌ منّا، قالوا: لم يكن أحدٌ من العرب أعلمَ بشأنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منَّا، كان معنا يهود، وكانوا أهل كتاب، وكنَّا أصحابَ وَثَنٍ، وكنَّا إذا بَلَغْنَا منهم ما يكرهون قالوا: إنَّ نبيًّا مبعوثًا الآن، قد أظلَّ زمانُه، نتبعه فنقتلكم (¬٢) قَتْلَ عاد وإرم، فلما بعث الله عزّ وجلّ رسوله - صلى الله عليه وسلم - اتَّبَعْنَاه،
---------------
(¬١) "السيرة النبوية" لابن هشام: (١/ ٢١٣)، وأخرجه الإمام أحمد في "المسند": (٣/ ٤٦٧)، والحاكم: (٣/ ٤١٧)، وأبو نعيم في "الدلائل": (١/ ٧٤ - ٧٥). وانظر: "مجمع الزوائد": (٨/ ٢٣٠).
(¬٢) في "ب، ج، غ": "فيقتلكم".

الصفحة 44