كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ومن جهلهم بمعبودهم ورسولِه وأمرِه: أنهم أُمِرُوا أن يدخلوا باب المدينة التي فتحها الله عليهم سُجَّدًا ويقولوا: حِطَّة، فيدخلوا مُتَواضِعِيْنَ لله سائلين منه أن يَحُطَّ عنهم خَطَايَاهُمْ، فدخلوا يَزْحَفُون على أسْتَاهِهِم بَدَلَ السُّجُود لله، ويقولون: "هنطا سقمانا" أي حنطة سمراء. فذلك سجودهم وخشوعُهم (¬١) ، وهذا استغفارُهم واستقالتُهم (¬٢) من ذنوبهم!!
ومن جهلهم وغباوتهم: أنَّ الله -سبحانه- أَرَاهُمْ من آياتِ قدرته، وعظيم سلطانِه، وصِدْق رسوله، ما لا مزيد عليه ثم أنزل عليهم -بعد ذلك- كتابَهُ وعَهِدَ إليهم فيه عَهْدَهُ وأمرَهُمْ أن يأخذوه بقوةٍ فيعبدوه بما فيه، كما خلَّصهم من عبودية فِرْعَون والقِبْط؛ فأَبَوا أنْ يَقْبَلُوا ذلك وامتَنعُوا منه، فَنَتَقَ الجبلَ العظيمَ فوق (¬٣) رؤوسهم على قَدْرِهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوا أطْبَقْتُه عليكم. فَقَبِلُوه من تحت الجبل.
قال ابن عباس: رفع الله الجبلَ فوق رؤوسهم، وبعث نارًا من قبَل وجوههم، وأتاهم البحرُ من تحتهم، ونُودُوا: إن لم تقبلوا أَرْضَخْتكم بهذا، وأحْرَقْتكم بهذا، وأغْرَقْتكم بهذا، فقبلوه، وقالوا: سمعنا وأطعنا (¬٤) . ولولا الجبل ما أطعناك. ولمَّا أمنوا -بعد ذلك- قالوا: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}.
ومن جهلهم: أنهم شاهدوا الآياتِ ورأوا العجائب التي يُؤمِنُ على
---------------
(¬١) في "ب، ج": "خضوعهم".
(¬٢) في "ج": "استغاثتهم".
(¬٣) في "ج": "على".
(¬٤) في "ج": "عصينا" وهو خطأ.

الصفحة 445