كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

التي أُنزلتْ على موسى، ليس في المثاني التي أَحْدَثْنَا.
فقال له كعب بن أسد: ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتِّباعه؟ قال: أنت. قال: ولِمَ؟ فوالتوراة ما حُلْتُ بينَك وبينَه قط! قال الزبير: بل أنتَ صاحبُ عَهْدِنَا وعَقْدِنَا؛ فإنِ اتَّبَعْتَهُ اتَّبَعْنَاهُ، وإن أَبَيْتَ أَبَيْنَا.
فأقبل عمرو بن سعد على كعب فذكر ما تقاولا في ذلك إلى أنْ قال كعبٌ: ما عندي في ذلك إلا ما قلتُ، ما تطيبُ نفسي أنْ أصير تابعًا (¬١) .
وهذا المانع هو الذي مَنعَ فرعونَ من اتِّباع موسى، فإنه لما تبيَّن له الهدى عزم على اتِّباع موسى -عليه السلام- فقال له وزيرُه هامان: بينا أنت إلهٌ تُعْبَد تصبح تَعْبُد ربًّا غيرك (¬٢) ؟! قال: صدقتَ.
وذكر ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، قال: حُدِّثْتُ عن صَفِيَّةَ بنت حُيَيّ أنها قالت: كنت أَحَبَّ ولد أبي إليه وإلى عَمِّي أبي ياسر، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة غَدَوا عليه، ثم جاءا من العشي، (فسمعت عمي) (¬٣) يقول لأبي أهو هو؟ قال: نعم والله، قال أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم، قال فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت (¬٤) .
فهذه الأُمّةُ الغضبيَّةُ معروفة بعداوة الأنبياء قديمًا.
---------------
(¬١) في "ج": "تبعًا" وانظر: "السيرة النبوية" لابن هشام: (٢/ ٥٤ - ٥٦)، "الطبقات الكبرى": (١/ ١٥٩)، "الدلائل" لأبي نعيم: (١/ ٧٩) وما بعدها.
(¬٢) في "ج": "تعبد غيرك ربًّا".
(¬٣) في "ج": "فسمعته".
(¬٤) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة": (١/ ٥١٨)، والبيهقي في "الدلائل": (٢/ ٥٣٣)، وأبو نعيم: (١/ ٧٧ - ٧٨). وانظر "البداية والنهاية": (٤/ ٥٢٤ - ٥٢٥).

الصفحة 47