كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ضُحْكَةً بين جميع أصناف بني آدم.
فأمَّةٌ أطبقت على أنَّ الإلَهَ الحقَّ -سبحانه عما يقولون- صُلِبَ وصُفِع وسمر ووضع الشَّوك على رأسه ودفن في التراب، ثم قام في اليوم الثالث وصعد وجلس (¬١) على عرشه يُدَبِّر أمر السموات والأرض = لا يكثر عليها أن تُطْبِقَ على جحد نبوة مَنْ جاء بسَبِّها ولَعْنِها ومحاربتِها وإبداءِ معايبها، والنداءِ على كُفْرِهَا بالله ورسولَه، والشهادةِ على براءة المسيح منها ومعاداته لها، ثم قاتَلَها وأذلَّها، وأخْرَجَهَا من ديارها، وضرب عليها الجزْيَةَ، وأخبر أنَّها من أهل الجحيم خالدةً مخلَّدة، لا يغفر الله لها، وأنهَا شَرٌّ من الحمير؛ بل هي شَرُّ الدوابِّ عند الله.
وكيف ينكَرُ لأمةٍ أطْبَقَتْ على صَلْب معبودِها وإلهِهَا، ثم عَمَدَتْ إلى الصليب فعَبَدَتْهُ وعظَّمَتْه، وكان ينبغيَ لها أنْ تحرق (¬٢) كلَّ صليبٍ تقدر على إحراقه، وأنْ تهينَهُ غايةَ الإهانةِ؛ إذْ صُلِب عليه إلهُهَا الذي يقولون تارةً: إنَّه الله، وتارةً يقولون: إنه ابنه، وتارةً يقولون: ثالثُ ثلاثةٍ، فجحدتْ حقَّ خالِقِهَا، وكَفَرَتْ به أعْظَمَ كُفْرٍ، وسبَّتْه أقْبَحَ مَسَبَّةٍ = أن تجحدَ حقَّ عبدِه ورسولهِ وتَكْفُرَ به.
وكيف يكثر على أمة قالتْ في ربّ الأرض والسموات: إنه ينزل من السماء ليكلِّم (¬٣) الخلق بذاته، لئلا يكون لهم حُجَّةٌ عليه، فأراد أن يقطع حُجَّتَهم بتكليمه (¬٤) لهم بذاته لترتفع المعاذير عمَّن ضيَّع عهده بعد ما
---------------
(¬١) في "غ": "وأُجلس".
(¬٢) في "غ": "تخرق".
(¬٣) في "غ": "عليهم".
(¬٤) في "ب، ج": "بتكاليمه".

الصفحة 49