كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فصل
وأما المسألة الثانية
وهي قولكم: هَبْ أنَّهم اختاروا الكفر لذلك، فهلَّا اتَّبع الحقَّ مَنْ لا رياسةَ له ولا مأكلة، إمَّا اختيارًا وإمَّا قهرًا؟

فجوابه من وجوه:
(أحدها): أنَّا قد بَيَّنَّا أنَّ أكثر مَنْ ذكرتم قد آمن بالرَّسول وصدَّقَهُ اختيارًا لا اضطرارًا، وأكثرُهم أُولو العقولِ (¬١) والأحلامِ والعلومِ، ممن لا يُحْصِيهم إلا الله؛ فرقعة الإسلام إنما انتشرتْ في الشرق والغرب بإسلام أكثر الطوائف، فدخلوا في دين الله أفواجًا حتى صار الكفار (¬٢) معهم تحت الذلة والصغار.
وقد بينَّا أنَّ الذين أسلموا من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين أَكثرُ من الذين لم يُسْلِمُوا، وأنَّه إنما بقي منهم أقلُّ القليل، وقد دخل في دين (¬٣) الإسلام من ملوك الطوائف ورؤسائهم، في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خلقٌ كثير.
وهذا مَلِكُ النَّصارى على إقليم الحبشة في زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لما تبيِّن له أنَّه رسولُ الله آمن به، ودخل في دينه، وآوى أصحابَهُ ومَنَعَهُمْ من أعدائهم.
---------------
(¬١) في "ج": "العقل".
(¬٢) في "ج": "الكافر".
(¬٣) ساقط من "ب، ج".

الصفحة 55