كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وأعلم بما عابوا عليهم. فأَسْلِمْهم (¬١) إليهما لِيرُدّاهم إلى بلادهم وقومهم.
قالت (¬٢) : فغضب النَّجاشيُّ، ثم قال: لاها الله إذَنْ لا أُسْلِمُهم إليهما و (لا أكاد - أقوام جاوروني) (¬٣) ونزلوا ببلادي واختاروني على مَنْ سواي- حتى أدعوهم فأسألهم عمَّا يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلَمْتُهُمْ إليهما وَرَددْتُهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك مَنَعْتُهم منهما، وأحْسَنْتُ جوارهم ما جَاوَرُوني.
قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم، فلما جاءهم رسولُه اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما عَلِمْنَا، وما أَمَرَنَا به نبيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - كائنًا في ذلك ما هو (¬٤) كائن، فلما جاؤوه -وقد دعا النَّجاشيُّ أسَاقِفَتَهُ فنشروا مصاحفهم حوله- سألهم فقال: ما هذا الدِّين الذي فارقْتُمْ فيه قومَكم ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من هذه الأُمم.
قالت: وكان الذي كلَّمَه جَعْفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيها الملك! كُنَّا قومًا أهلَ جاهليةٍ، نعبد الأصنامَ، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونُسِيءُ الجوار (¬٥) ، يأكل القويُّ منَّا الضعيفَ، فكنَّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نَسَبَه وصِدْقَه وأمانته
---------------
(¬١) في "ج": "فسلِّمهم".
(¬٢) في "غ": "قال".
(¬٣) في السيرة لابن هشام: "ولا يُكاد قوم جاوروني".
(¬٤) في "ج، ب": "بما هو".
(¬٥) في "ج": "الجار".

الصفحة 58