كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مجالسُكُم عنده حتى فارقتم دينكم وصدَّقتموه بما قال؟! ما نعلم رَكْبًا أحمق منكم -أو كما قالوا-.
فقالوا لهم: سلامٌ عليكم، لا نجادلكم، لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، لم نَأْلُ من أنْفُسِنا خيرًا.
ويقال: إنَّ النَّفَر (¬١) من النَّصارى من أهل نَجْرانَ. ويقال: فيهم نزلتْ {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا} إلى قوله: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: ٥٢ - ٥٥].
وقال الزُهْريُّ: ما زلت أسمع من علمائنا أنَّهنَّ نَزَلْنَ في النَّجاشيِّ وأصحابه.
قال ابن إسحاق (¬٢) : ووفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد "نَصَارى نَجْرَانَ" بالمدينة، فحدَّثني محمدُ بنُ جَعْفَر بنِ الزُّبير، قال: لما قَدِم وَفْد نَجْرانَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دخلوا عليه مسجدَه بعد العصر، فحانت صلاتهم، فقاموا يُصلُّون في مسجده، فأراد النَّاس مَنْعَهُم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوهُمْ" فاستقبلوا المَشْرقَ فصلَّوا صلاتهم، وكانوا ستين راكبًا، منهم أربَعَةٌ وعشرون (¬٣) رجلًا من أشرافهم، منهم ثلاثةُ نَفَرٍ إليهم يؤول أمرهم: "العَاقِبُ": أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم، والذي لا
---------------
(¬١) في "ب، ج": "الوفد".
(¬٢) "السيرة النبوية": (١/ ٥٧٥). وانظر: "تفسير البغوي": (٣/ ٤٤٦ - ٤٤٧)، "البداية والنهاية": (٧/ ٢٧٠).
(¬٣) في "السيرة النبوية": "أربعة عشر" وذكر ابن كثير في "تاريخه": (٧/ ٢٧٠) الروايتين عن ابن إسحاق. وراجع: "فتح الباري": ٨/ ٩٤.

الصفحة 64