كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
يَصْدُرُونَ إلا عن رأيه وأمره، واسمُه عَبْدُ المَسِيْحِ. "والسيِّد" ثِمَالُهم (¬١) وصاحب رَحْلِهم (¬٢) ومجمعهم. "وأبو حارثة بنُ عَلْقَمَةَ": أُسْقُفُهُمْ وحِبْرُهم وإمامهم وصاحب مِدْرَاسِهِمْ (¬٣) ، وكان أبو حارثةَ قد شَرُفَ فيهم ودَرَس كتبهم، وكانت ملوك الرُّوم من أهل النَّصرانيَّة قد شرَّفوه وموَّلوه وأخْدَموه، وبَنَوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لِمَا بلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم. فلما وجَّهوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نَجْرَانَ، جلس أبو حَارثةَ على بَغْلَةٍ له (¬٤) متوجِهًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى جنبه (¬٥) أخٌ له يقال له: كُرْزُ بنُ عَلْقَمَةَ، يسايرُه إذْ عثرتْ بغلةُ أبي حارثةَ، (فقال له كُرْزٌ: تَعِسَ الأبْعَدُ -يريد رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -- فقال له أبو حارثة) (¬٦) : بل أنتَ تَعِسْتَ. فقال: ولِمَ يا أخي؟! فقال: والله إنه لَلنَّبِيُّ الذي كنَّا ننتظرُه. فقال له كُرْزُ: فما يَمنعُك من اتِّباعه وأنت تعلم هذا؟ فقال: ما صنَع بنا هؤلاء القومُ؛ شرَّفونا وموَّلونا (¬٧) وأكرمونا، وقد أَبَوْا إلا خلافَه، ولو فَعَلْتُ (نَزَعوا منَّا كلَّ ما تَرى) (¬٨) . فأصر (¬٩) عليها أخوه كُرْزُ بنُ عَلْقَمةَ حتى أسْلَمَ بعد ذلك.
---------------
(¬١) في "ب، غ": "يمالهم".
(¬٢) في "غ": "رحلتهم".
(¬٣) في "ب، ج، غ": "مداراهم". والمدراس: الموضع الذي يدرس فيه كتاب الله. ومنه مدراس اليهود. والمدراس أيضًا: دارس كتب اليهود.
(¬٤) ساقطة من "ص، غ، ج".
(¬٥) في "ب، ج": "جانبه".
(¬٦) ساقط من "غ".
(¬٧) في "ب، ج، غ": "تولَّونا" وفي "ص": "تولوه".
(¬٨) في "غ": "نزعوها منا، كل كرامة".
(¬٩) في "السيرة النبوية": "فأضمر".