كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الدِّين خيرٌ، دينُك ودينُ آبائك خيرٌ منه، فقلت له: كلا والله، إنه لخيرٌ من ديننا. قال (¬١) : فخافني، فجعل في رِجْلي قيدًا، ثم حَبَسَنِي في بيته.
وبعثتُ إلى النَّصارى فقلت لهم: إذا قَدِم عليكم ركب من الشام فأخْبِرُوني بهم، فقَدِمَ عليهم تجَّارٌ من النَّصارى، فأخبروني، فقلت لهم: إذا قَضَوا حوائجهم. وأرادوا الرَّجعةَ إلى بلادهم فآذِنُوني بهم. قال: فلما أرادوا الرجعة أخبروني بهم فألقيتُ الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قَدِمْتُ الشَّامَ، فلما قَدِمْتُها قلت: مَنْ أفضلُ أهلِ هذا الدِّين عِلْمًا؟ قالوا: الأُسْقُفُّ في الكنيسة. فجئتُه فقلت له: إنِّي قد رغبتُ (¬٢) في هذا الدِّين، وأحببتُ أن أكون معك فأخدمك في كنيستك، وأتعلَّم منك، وأصلِّي معك. قال: ادخُلْ، فدخلت معه. فكان رَجُلَ سَوْءٍ، يأمرهم بالصدقة ويرغِّبهم فيها، فإذا جمعوا إليه شيئًا منها اكتنزه لنفسه ولم يُعْطِهِ المساكينَ، حتى جمع سَبْع (¬٣) قِلَالٍ من ذهب ووَرِقٍ، فأبغضتُه (¬٤) بُغْضًا شديدًا لِمَا رأيتُه يصنعُ.
ثم مات واجتمعت النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إنَّ هذا كان رجل سَوْءٍ يأمركم بالصدقة ويرغِّبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يُعْطِ المساكينَ منها شيئًا. فقالوا لي: وما عِلْمُك بذلك؟ قلت: أنا أدلُّكم على كنزه؛ فأريتُهُم موضِعَه فاستخرجوا سَبْعَ قِلَالٍ مملوءةً ذهبًا ووَرِقًا، فلمَّا رأوها قالوا: والله لا نَدْفِنُه أبدًا، فصلبوه ورمَوْه بالحجارة!!
---------------
(¬١) ساقط من "ب، ص".
(¬٢) في "ب" بالهامش: "أحببت".
(¬٣) ساقط من "ج".
(¬٤) في "ب" بالهامش: "فبغضته".

الصفحة 71