كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فصل
ولما عرف "النَّجاشِيُّ"، ملكُ الحبشة، أنَّ عُبَّاد الصليب لا يخرجون (عن عبادة) (¬١) الصليب إلى عبادة الله وحده: أسلَمَ سِرًّا، وكان يكتم إسلامه بينهم، هو وأهل بيته، ولا يمكنُه مجاهرتُهم.
ذكر ابنُ إسحاقَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إليه عَمْرو بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ (¬٢) -رضي الله عنه- بكتابه (¬٣) يدعوه إلى الإسلام، فقال له عمرو: يا أصْحَمَةُ! عليَّ (¬٤) القولُ وعليك الاستماع؛ إنَّك كأنك في الرِّقةِ علينا منّا، وكأنَّا في الثِّقة بك منك، لأنَّا لم نظنَّ بك خيرًا قط إلا نِلْنَاهُ، ولم نَخَفْكَ على شيءٍ قطُّ إلا أمِنَّاه، وقد أَخَذْنَا الحُجَّةَ عليك مِنْ فِيْك، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يُرَدُّ، وقاضٍ لا يجور، وفي ذلك موقع الحزِّ وإصابة المَفْصِل، وإلا فأنت في هذا النبيِّ الأُميِّ كاليهود في عيسى ابنِ مريمَ، وقد فرَّق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رُسُلَه إلى الناس، فرَجَاك لِمَا لم يَرْجُهُمْ له، وأمنك على ما خافهمِ عليه؛ لخيرٍ (¬٥) سالف وأجير مُنْتَظَرٍ، فقال النجاشي: أشهدُ بالله إنّه للنَّبِيّ الأميّ الذي ينتظره أَهْلُ الكتاب، وأنَّ بشارة موسى براكب الحمار كبشارةِ عيسى براكب الجَمَلِ، وإن العِيَانَ ليس بأشْفَى من الخَبَرِ (¬٦).
---------------
(¬١) في "ج": "من عباد".
(¬٢) ساقط من "ج، ص"، وفي "ب، غ": "الضميري".
(¬٣) في "ب، غ، ج": "مكانه".
(¬٤) في "ج، غ": "إنَّ عليّ".
(¬٥) في "د، ص": "لخبر".
(¬٦) أخرجه ابن إسحاق. انظر: "السيرة النبوية": (٢/ ٦٠٧).

الصفحة 81