كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
حتى إذا كان الغدُ أتيتُ إليه، فأبى أن يأذنَ لي، فانصرفتُ إلى أخيه، فأخبرتُه أنّي لم أَصِلْ إليه، فأوصلني إليه، فقال: إني فكَّرتُ فيما دعوتَنِي إليه، فإذا أنا أضْعَفُ العرب إنْ ملُّكْتُ رجلًا ما في يدي، وهو لا تَبْلغ خيلُه هاهنا، وإنْ بلغتْ خيلُه ألْفَتْ قتالًا ليس كقتال مَنْ لَاقى، قلتُ: وأنا خارجٌ غدًا.
فلما أيقن بمخرجي (¬١) خَلا به أخُوه فقال: ما نحنُ فيما قد ظهر عليه، وكلُّ مَنْ أرسل إليه قد أجابه، فأصبحَ فأرسلَ إليَّ فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعًا، وصدَّقا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخلَّيا بيني وبين الصَّدقة وبين الحُكْمِ فيما بينَهم، وكانا لي عَوْنًا على من خَالَفَنِي (¬٢) .
وكتب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هَوْذَةَ بنِ عليّ الحَنَفِيّ، صاحب اليَمَامَة: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمدٍ رسولِ الله إلى هَوْذَةَ بن عليٍّ، سلامٌ على مَنِ اتَّبَعَ الهدى، واعلَمْ أنَّ ديني سيظهرُ إلى مُنْتَهَى الخُفِّ والحافِرِ، فأسْلِمْ تَسْلَمْ أجعلْ (¬٣) لك ما تحتَ يَدِك".
وكان عنده أرْكُون دمشقَ -عظيمٌ من عظماء النَّصارى- فسأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وقال: قد جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام. فقال له الأركون: لِمَ لا تجيبُهُ؟ فقال: ضَنِنْتُ بديني، وأنا مَلِكُ قومي، إن اتَّبعْتُهُ لم أَمْلِك، قال: بلى والله، لئن اتَّبعتَه (¬٤) لَيُمَلَكَنَّك، وإنَّ الخِيْرَةَ لك في
---------------
(¬١) في "ب": "بخروجي".
(¬٢) في "غ": "خالفه".
(¬٣) في "ج": "وأجعل".
(¬٤) في "غ": "ابتعته".