كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وفي "مغازي موسى بن عقبة" عن الزُّهْرِيِّ، قال: كان بالمدينة مَقْدَمَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أوثانٌ تعبدها (¬١) رجال من أهل المدينة، لا يتركونها، فأقْبَلَ عليهم قومُهم وعلى تلك الأوثان فهدموها.
وعَمَدَ أبو ياسر بنُ أخطب، أخو حُيَيّ بنِ أخطب، وهو أبو صفيةَ زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فجلس إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فسمع منه وحادثه ثم رجع إلى قومه، وذلك قبل أن تُصْرَفَ القِبْلَةُ نحو المسجد الحرام، فقال أبو ياسر: يا قوم (¬٢) ، أطِيْعُوني، فإنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قد جاءكم بالذي كنتم (¬٣) تنتظرونَ، فاتَّبِعُوه ولا تُخالِفُوه (¬٤) .
فانطلقَ أخوه حُيَيّ حين سمع ذلك -وهو سيد اليهود يومئذ وهما من بني النَّضِيْر- فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فجلس إليه -وسمع منه، فرجع إلى قومه وكان فيهم مطاعًا- فقال: أتيتُ مِنْ عند رجل -والله- لا أزال له عدوًّا أبدًا. فقال له أخوه أبو ياسر: يا ابنَ أمي، أطِعْنِي في هذا الأمر، ثمِ اعْصِنِي فيما شئتَ بعده، لا تَهْلِك! قال: لا والله، لا أطيعك. واسْتَحْوذَ عليه الشَّيطانُ، فاتَّبَعَهُ قومُه على رأيه (¬٥) .
وذكر ابن إسحاقَ، عن عبد الله بنِ أبي بكرٍ، عمَّن حدَّثه عن صفيةَ بنتِ حُيَيّ أنها قالت: لم يكن من ولد أبي وعمي أحدٌ أحبَّ إليهما مِنّي، لم ألقَهُمَا في ولدٍ قطُّ إلا أخذاني دونَه، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبَاء نزل
---------------
(¬١) في "ب": "تعبدونها".
(¬٢) في "ج": "قومي".
(¬٣) ساقط من "ب".
(¬٤) في "غ": "تخافوه".
(¬٥) انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير: (٤/ ٥٢٥) (تحقيق د. التركي)، "دلائل النبوة" للبيهقي: (٢/ ٥٣٣).