كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

وجاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - تبين هذا المعنى، وتوجب على كل من يسمع به أن يؤمن به ويتبعه، ويترك ما كان من شريعة سابقة انتهى العمل بها بعد مجيء محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة - يهودي أو نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" (¬١) .
ومؤمن أهل الكتاب، الذي يتبع محمدًا - صلى الله عليه وسلم - له أجره مرتين، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيه وأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه وصدّقه، فله أجران، وعبد مملوك أدّى حق الله تعالى وحق سيده، فله أجران. ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها، ثم أدَّبها فأحسن أدبها، ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران" (¬٢) .
وعندما ينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان بين يدي الساعة، ينزل حاكمًا بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فما عذر أهل الكتاب في عدم إيمانهم به واتباعهم له - صلى الله عليه وسلم -؟ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية (¬٣) ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد" (¬٤) .
_________
(¬١) أخرجه مسلم (١/ ١٣٤) في الإيمان.
(¬٢) أخرجه البخاري (١/ ١٩٠) في العلم، ومسلم (١/ ١٣٤ - ١٣٥) في الإيمان.
(¬٣) أي لا يقبلها, ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل الجزية منهم لم يكفّ عنه، بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل.
(¬٤) أخرجه البخاري (٤/ ٤١٤) في البيوع، ومسلم (١/ ١٣٥ - ١٣٦) في الإيمان.

الصفحة 36