كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

بشرت كتبهم بنبوته وأشارت إلى ذلك (¬١) ، نجد هذا حكاية عنهم في القرآن الكريم، ونجد له شاهدًا من الواقع التاريخي منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويتفق هذا كله مع نصوص كتبهم التي يعتمدون هم عليها، سواء في العهد القديم أو الجديد. وإليك شيئًا من البيان لذلك كله:
حكى الله تعالى ذلك في القرآن الكريم:
أما القرآن الكريم، فقد حكى الله تعالى: أن التوراة والإنجيل قد احتوى كل منهما على إشارات إلى بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - ونبوته وصفته وصفة أصحابه. فقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف/ ١٥٧].
وهم يعلمون صدقه -عليه الصلاة والسلام- وصدق الكتاب الذي أنزل عليه:
فترى علماءهم الصادقين يقرُّون بذلك، وإنهم ليعلمون أنه الحق من ربهم فيصدقونه، وإذا تلا عليهم الآيات تراهم يخرون للأذقان سُجَّدًا: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة/ ٨٣] {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء/ ١٠٧ - ١٠٩].
_________
(¬١) ساق الإمام ابن القيم اثني عشر وجهًا تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - مذكور في الكتب المتقدمة، ومنها البشارات بنبوته في كتبهم. انظر فيما سيأتي ص (١٠٩) وما بعدها.

الصفحة 43