كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

وبلده ... الخ، وهذا يتفق مع ما حكاه الله تعالى على لسان بعض أنبيائه، في القرآن الكريم من البشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي أمثلة على كلا النوعين -إن شاء الله تعالى-.
٣ - قد يدَّعي بعض أهل الكتاب أنهم ما كانوا ينتظرون نبيًا آخر غير عيسى وإيلياء، ولذلك -بزعمهم- لا تنطبق البشارات على محمد، عليه الصلاة والسلام، إذ عيسى عندهم خاتم الأنبياء.
وهذا زعم باطل وادعاء لا أصل له، بل كانوا ينتظرون نبيًا جديدًا غيرهما؛ يدل على ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا: "وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنةً ولاويين ليسألوه: من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، واعترف: إني لست أنا المسيح، فسألوه: إذن ماذا، أإيلياء أنت؟ فقال: لست إياه. فسألوه: أنت النبي؟ فأجاب: كلا. فقالوا له: من أنت؟ لنعطي جوابًا للذين أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك؟ قال: أنا صوت صارخ في البرية، قوِّموا طريق الرب كما قال أشعياء النبي" (¬١) .
فعلماء اليهود المعاصرون لعيسى عليه السلام سألوا يحيى عليه السلام أولًا: هل أنت المسيح؟ ولما أنكر سألوه: أنت إيلياء؟ ولما أنكر سألوه: أنت النبي؟ أي النبي المعهود الذي أخبر به موسى، فعلم أن هذا النبي كان منتظرًا قبل المسيح وإيلياء، وكان مشهورًا بحيث لم يكن محتاجًا إلى ذكر الاسم، بل الإشارة إليه كافية.
وإذا كانوا ينتظرون نبيًا آخر غير عيسى وإيلياء، فيعلم من هذا قطعًا
_________
(¬١) إنجيل يوحنا، الفصل الأول، رقم ١٩ - ٢٣ طبع الكاثوليكية بيروت، ص ١٥٥.

الصفحة 47