كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

الله تعالى على لسان نبيها عليه السلام: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة/ ١١٧]. والنصرانية التي اعترف بها القرآن الكريم هي التي تبشر كتبها بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتطالب الذين حضروا دعوته من بعدها: أن يؤمنوا بها، كما جاء في القرآن الكريم على لسان المسيح عليه السلام.
واليهودية التي اعترف بها الإسلام هي التي جاء بها موسى عليه السلام، ديانة توحيد، تؤمن بالله وباليوم الآخر، ولا تبيح قتل النبيين، والتي توجب الإيمان بالكتب التي اشتملت على بيانها الشريعة المطهرة، وتؤمن برسل الله أجمعين. وفيها إيمان بالله تعالى وطاعة له وعبودية خالصة، وتنزيه للرسل عن المعاصي وعصمتهم من الخطايا.
تلك هي الديانات التي يعترف بها الإسلام، ويقرها ويمدحها القرآن الكريم ويمدح معتنقيها، قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام، إذ هي الإسلام الذي أنزله الله. فلما جاءت شرعة محمد كانت هي الرسالة الخاتمة وهي الإسلام الذي ينبغي أن يفيئ إليه الجميع ليكونوا مسلمين حقًّا.
المرحلة الثانية: أما المرحلة الثانية ففي بحث العلاقة بين الشريعة المحمدية والشرائع السماوية، بعد أن طال عليها الأمد، فنالها من التغيير والتحريف والتبديل والكتمان ما كان كفيلًا بتحويلها عن أصلها من ديانة توحيد إلى ديانات وثنية لا تمت إلى أصلها المنزل إلا بخيط أوهى من خيط العنكبوت أو بنسبة لا حقيقة لها.
وهنا نرى أن القرآن الكريم قد أضاف إلى موقفه منها في المرحلة

الصفحة 52