كتاب حلم معاوية لابن أبي الدنيا

16 - وبإسناده عن سفيان بن عيينة، قال: بينا معاوية يسير في طريق مكة، إذ نام على راحلته، فلحقه ابن الزبير، فقال: أتنام وأنا معك؟ أما تخاف أن أقتلك؟ قال: لست من قتالي الملوك، إنما يصيد كل طيرٍ قدره؛ إنما أنت - يا ابن الزبير - ثعلبٌ رواغٌ، تدخل من جُحر وتخرج من جحر؛ والله لكأني بك قد ربقت كما يربق الجدي، فميا ليتني لك حياً فأخلصك، وبئس المخلص كنت.
17 - وبإسناده: أن رجلاً طال مقامه بباب معاوية، ثم أذن له، فقال: يا أمير المؤمنين، انقطعت إليك بالأمل، واحتملت جفوتك بالصبر، وليس لمقربٍ أن يأمن، وليس لمباعدٍ أن ييأس، وكل صائرٌ إلى حظه من رزق الله. فقال معاوية: هذا كلامٌ له ما بعده؛ فأمر بعهده إلى فلسطين؛ فقال الرجل:
دخلتُ على معاوية بن حربٍ ... وكنت وقد أيست من الدخول
وما أدركت ما أملت حتى ... حللت محلة الرجل الذليل -[24]-
وأغضيت العيون على قذاها ... ولم أنظر إلى قالٍ وقيل

الصفحة 23