كتاب حلم معاوية لابن أبي الدنيا

27 - وبإسناده عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: خطبهم معاوية على منبر مكة، فقال: إن عتبة بن أبي سفيان كتب إلي، يذكر أن أناساً من باهلة دلوا الروم على عورات المسلمين، وبالله لقد هممت أن أكتب إليه أن يحملهم في البحر، ثم يغرقهم. فقام عبدٌ أسود، فقال: والله لا نرضى بكل رجلٍ منهم رجلاً من ولد أبي سفيان. فقال معاوية: اجلس يا غراب. فقال: أبالسودة تعيرني؟ الغراب ينقر عين الرخم.
وقال عمرو بن العاص: ألا تضرب عنق هذا الكلب؟ قال: إنا -والله- لا نحول بينهم وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين سلطاننا.
28 - وبإسناده عن قتادة، قال: لقي معاوية ابن عباس، فقال له: يا ابن عباسٍ، احتسب الحسن، لا يحزنك الله ولا يسوؤك. قال: أما ما أبقى الله أمير المؤمنين فلا يحزني ولا يسؤوني. قال: فأعطاه على كلمته ألف ألفٍ رقةً وعروضاً وأشياء. قال: خذها فاقسمها في أهلك.
29 - وبإسناده عن الشعبي، قال: قدم رجلٌ على معاوية، فسأله فأعطاه، فقال: آجرك الله يا أمير -[31]- المؤمنين. فقال: يا ابن أخي، والله لئن كنا نؤجر فيما نعطي، وليس علينا إثمٌ فيما نأخذ، ما كان في الدنيا شيخان أقل حظاً من أبي بكرٍ وعمر؛ وليس كما ذكرت، وسأنبئك به: فتحنا لكم باب الهجرة، وسددنا الثغور، وأدررنا الأعطية، وأجرينا الرزق، وبقي بعد ذلك مالٌ كثيرٌ، عاث فيه معاوية وآل معاوية، وسيلقون الله فيحاسبهم، فإن شاء غفر لهم، إنه غفورٌ رحيمٌ.

الصفحة 30