كتاب حلم معاوية لابن أبي الدنيا

32 - وبإسناده: قال الفضيل: إن وفداً من أهل العراق قدموا على معاوية، فيهم -[33]- صعصعة بن صوحان، فقال لهم معاوية: مرحباً بكم وأهلاً، قدمتم خير مقدمٍ، قدمتم على خليفتكم وهو جنةٌ لكم، وقدمتم أرضاً بها قبور الأنبياء، وقدمتم الأرض المقدسة وأرض المحشر.
فقال صعصعة: أما قولك: مرحباً بكم وأهلاً، فذاك من قدم على الله وهو عنه راضٍ. وأما قولك: قدمتم على خليفتكم وهو جنةٌ لكم، وكيف لنا بالجنة إذا احترقت. وأما قولك: قدمتم الأرض المقدسة، فإنها لا تقدس كافراً. وأما قولك: قدمتم أرضاً بها قبور الأنبياء، فمن مات بها من الفراعنة أكثر ممن مات بها من الأنبياء. وأما قولك: قدمتم أرض المحشر، فإنه لا يضر بعدها مؤمناً، ولا ينفع قربها كافراً. قال: اسكت، لا أرض لك. قال: ولا لك يا معاوية، إنما الأرض لله، يورثها من يشاء من عباده. قال: أما -والله- لقد كنت أبغض أن أراك خطيباً. قال: وأنا -والله- لقد كنت أبغض أن أراك خليفةً.

الصفحة 32