كتاب الحدائق في المطالب العالية الفلسفية العويصة

الصّفة كَانَ كَمَال كل مَوْجُود على قدر مرتبته مِنْهُ فِي الْوُجُود فَكَانَ أكملها وجودا وأقلها نقصا الْمَوْجُود الَّذِي هُوَ فِي مرتبَة الِاثْنَيْنِ تمثيلا وتقريبا لما قدمْنَاهُ من الْعدَد فِي ذَلِك ثمَّ الثَّالِث أنقص من الثَّانِي ثمَّ الرَّابِع أنقص من الثَّالِث وَهَكَذَا لم تزل الموجودات تنقص مرتبَة مرتبَة على قدر بعْدهَا من الْمرتبَة الأولى حَتَّى انْتَهَت إِلَى أنقصها مرتبَة الَّذِي لَا أنقص مِنْهُ إِذْ كَانَت مَرَاتِب الموجودات متناهية وَكَانَ إِثْبَات مَالا نِهَايَة لَهُ بِالْفِعْلِ من الْمحَال وَإِنَّمَا يَصح إثْبَاته بِالْقُوَّةِ والإمكان ثمَّ تنعكس الموجودات متصاعدة من أدناها مرتبَة إِلَى أَعْلَاهَا إِلَى أَن تَنْتَهِي إِلَى أكمل الْمَرَاتِب الَّتِي جعل لَهَا بالطبع أَن تبلغها وتسلك فِي تصاعدها المسلك الَّذِي سلكته فِي تسافلها أَعنِي أَنَّهَا لَا تصعد إِلَى الْمرتبَة الثَّانِيَة إِلَى بعد الأولى وَلَا الرَّابِعَة إِلَّا بعد الثَّالِثَة
وَبَيَان ذَلِك أَن البارئ تَعَالَى لَهُ الْمرتبَة الأولى من الْوُجُود وَهُوَ متوحد بِوُجُودِهِ لَا يشركهُ فِي وجوده شَيْء كَمَا لَا يشركهُ فِي شَيْء من صِفَاته

الصفحة 37