كتاب الحدائق في المطالب العالية الفلسفية العويصة

ثمَّ يشرع بِالنّظرِ فِي الْأُمُور الْعَقْلِيَّة الْمُفَارقَة للمادة فَأول مَعْقُول يصادفه بِاعْتِبَارِهِ عِنْد صُعُوده الْعقل الفعال
فَإِذا أكمل النّظر فِيهِ وَعلم مرتبته من المعقولات الْمُفَارقَة وَأَنه فِي الْمرتبَة الْعَاشِرَة صعد بِالِاعْتِبَارِ إِلَى النّظر فِي التَّاسِع ثمَّ إِلَى الثَّامِن ثمَّ إِلَى السَّابِع ثمَّ إِلَى السَّادِس حَتَّى يصير بفكره إِلَى الْمَعْقُول الأول الَّذِي هُوَ فِي مرتبَة الْوَاحِد فيجده نِهَايَة الموجودات الَّذِي أَفَادَ كل شَيْء الْوُجُود وكل مَوْجُود مفتقر إِلَيْهِ مقتبس الْوُجُود مِنْهُ فَيكون قد انْسَلَخَ من النّظر فِي الثواني التِّسْعَة وَالْعقل الفعال وَهَذِه هِيَ الَّتِي تسمى بِالْمَلَائِكَةِ المقربين والكروبيين وَيكون قد انْتهى بِاعْتِبَارِهِ وفكره إِلَى البارئ تَعَالَى فيشرع حِينَئِذٍ بِالنّظرِ فِي صِفَاته وَمَا يجوز أَن يُوصف بِهِ وَمَا لَا يجوز وَكَيف انبعثت الموجودات عَنهُ وعَلى أَي جِهَة يَصح أَن يُقَال إِنَّه فاعلها وعلتها حَتَّى لَا يلْحقهُ نقص وَكَيف دبر عَالم الأفلاك بتوسط الثواني وَالْعقل الفعال ودوران الأفلاك حول

الصفحة 61