ونحو ذلك مما يدل على إحباط الثّواب وأنهم إليه راجعون، أي: يصدّقون بالبعث ولا يكذبون به، كما حكي عن المنكرين له في نحو: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ «1» [الواقعة/ 47] ونحو قولهم فيه: إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الأنعام/ 25].
والظنّ هاهنا العلم، وكذلك قول المؤمن: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ [الحاقة/ 20] فأما الآية الأولى التي هي قوله:
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة/ 46] أي: ثوابه، فقد يجوز أن لا يكون منهم القطع على ذلك والحتم به، بدلالة قول إبراهيم: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء/ 82] فأما قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ [الحاقة/ 20] فلا يكون إلا على العلم والتيقّن، لأن صحة الإيمان إنما يكون بالقطع على ذلك والتّيقّن به «2» والشاكّ فيه لا إيمان له.
ويقال: لقيته ولاقيته، فمن لاقيت قوله: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [البقرة/ 223] والَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة/ 46] وقال: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب/ 44] ولو كان يلاقونه كقوله: أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [البقرة/ 223] كان حسنا، وقال: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا
__________
(1) ورد في الأصل كلمة: (وآباؤنا) بدل (وعظاما) وهو إدراج من آية ثانية من سورة النمل: أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67).
(2) في (ط): التيقن والشاك.