التنادي الذي عليه الكثرة والجمهور، فإنه يدل عليه قوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ [القمر/ 6] وقوله «1»: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء/ 71] ويَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ [الاسراء/ 52]. فالتنادي أشبه بهذه الآي. ألا ترى أن الدعاء والنداء يتقاربان به «2»، إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا [مريم/ 3] فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ [آل عمران/ 39] وقال: فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ [القمر/ 10] فقد استعمل كلّ واحد من النداء والدعاء في موضع الآخر، وليس التنادّ والفرار كذلك.
وأما قوله: (كلمات) فالكلمات: جمع كلمة، والكلمة:
اسم الجنس، لوقوعها «3» على الكثير من ذلك والقليل، قالوا:
قال امرؤ القيس في كلمته، يعنون قصيدته، وقال قسّ في كلمته، يعنون خطبته. وقال ابن الأعرابي: يقال: لفلان كلمة شاعرة، أي: قصيدة. وقد قيل لكل واحد من الكلم الثلاث:
كلمة، فالكلمة كأنها اسم الجنس، لتناولها الكثير والقليل «4».
كما أن الليل لما كان كذلك وقع على الكثير منه أو القليل «5»، فالكثير نحو قوله: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً [النبأ/ 10] وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ [القصص/ 73] ومن ثمّ جعله سيبويه في جواب كم، إذا قيل: سير عليه الليل والنهار.
وأما «6» وقوعه على القليل وما هو دون ليلة فنحو قوله:
__________
(1) كذا في (ط)، وسقطت من (م).
(2) في (ط): وفي التنزيل.
(3) في (ط): لوقوعه.
(4) في (ط): القليل والكثير.
(5) في (ط) القليل منه والكثير.
(6) في (ط): فأما.