برى النّخر والأجرال ما في غروضها فما بقيت إلّا الضّلوع الجراشع «1» فكما أجروه على المعنى في قوله، فلم يلحقوا الفعل علامة التأنيث، كذلك أجروه عليه في نحو: ما جاءني أحد إلّا زيد، فرفعوا الاسم الواقع بعد حرف الاستثناء.
وأمّا من نصب فقال: ما جاءني أحد إلّا زيدا، فإنّه جعل النفي بمنزلة الإيجاب، وذلك: أن قوله: ما جاءني أحد، كلام تام. كما أنّ: جاءني القوم، كذلك، فنصب مع النفي، كما نصب مع الإيجاب من حيث اجتمعا في أن كلّ واحد منهما كلام تام. فأمّا قوله [جلّ وعزّ] «2»: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك [هود/ 81] فإذا جعلت قوله تعالى: امرأتك مستثنى من: لا يلتفت منكم أحد؛ كان فيه الوجهان: الرفع والنصب، والوجه الرفع. ومن قال: ما فعلوه إلا قليل؛ فقياس قوله في هذه الرفع.
وإن جعلت الاستثناء من قوله: فأسر بأهلك لم يكن إلّا النصب.
قال سيبويه: ومن قال: أقول: ما أتاني القوم إلّا أباك، لأنّه بمنزلة
__________
(1) البيت الذي الرمة من قصيدة في ديوانه 3/ 1296 والمحتسب 2/ 207 وابن يعيش 2/ 87 والعيني 2/ 477 وجاء في الديوان برواية:
طوى النحز والأجراز ما في غروضها ... فما بقيت إلّا الصدور الجراشع
والنحز (بالنون والزاي): ضرب الأعقاب والاستحثاث في السير: وهو أن يحرك عقبيه، ويضرب بهما موضع عقبي الراكب. والأجرال: جمع جرل، وهو المكان الصلب الغليظ. والأجراز: الأمحال والواحد: جرز ومحل.
والغروض: الواحد غرض، وهو حزام الرحل. والجرشع واحد الجراشع:
وهو المنتفخ الجنبين.
(2) سقطت من (ط).