على أقربهما، وهو الباء دون قوله: فاغسلوا وكان ذلك «1» الموضع واجبا، لما قام من الدلالة على أنّ المراد بالمسح الغسل.
وقيام الدلالة من وجهين:
أما أحدهما فإن من لا نتهمه روى لنا عن أبي زيد أنه قال:
المسح خفيف الغسل، قالوا: تمسّحت للصلاة، فحمل المسح على أنه غسل. ويقوي ذلك أن أبا عبيدة ذهب في قوله تعالى:
فطفق مسحا بالسوق والأعناق [ص/ 33] إلى أنّه الضرب.
وحكى التّوّزي عنه أنّه قال: قالوا مسح علاوته بالسيف «2» إذا ضربه «3»، فكأنّ المسح في الآية غسل خفيف، كما أنّ الضرب كذلك، ليس في واحد منهما متابعة ولا موالاة. فإن قلت: فإنّ المستحبّ أن يغسل ثلاثا؛ قيل: ذلك السنّة والاستحباب، وإنّما جاءت الآية بالمفروض دون المسنون، فهذا وجه.
والوجه الآخر: أنّ التحديد والتوقيت إنّما جاء في المغسول ولم يجيء في الممسوح، فلما وقع التحديد مع المسح، علم أنّه في حكم الغسل لموافقته الغسل في التحديد. فإن قلت: فقد «4» يجوز أن يكون على المسح، ألا ترى أنّك تقول: مررت بزيد وعمرا فتحمله على موضع الجار والمجرور، فحمله على المسح
__________
(1) في (ط): في هذا الموضع.
(2) سقطت من (ط) ومن مجاز القرآن.
(3) انظر مجاز القرآن 2/ 183.
(4) في (ط): فإنه.