فلا يسهل أن يعلّقه ب تؤمنوا وأنت قد أوصلته بحرف آخر جارّ فتعلّق بالفعل جارّين، كما لا يستقيم أن تعدّيه إلى مفعولين إذا كان يتعدى إلى مفعول واحد، ألا ترى أنّ تعدّي الفعل بالجارّ كتعديه بالهمزة، وتضعيف العين؟ فكما لا يتكرر هذان، كذلك لا يتكرر الجارّ. فإن قلت: فقد جاء:
فلأبغينّكم قنا وعوارضا ... ولأقبلنّ الخليل لابة ضرغد
«1» والتقدير: لأقبلنّ بالخيل «2» إلى هذا الموضع. فإنّ هذا إنّما جار لأنّ الثاني من المفعولين مكان، فيجوز أن يكون شبه المختص بالمبهم كقولهم: ذهبت الشام، فيمن لم يجعل الشام اسم الجهة. فإذا لم يسهل تعليق المفعولين به حملته على المعنى، والمعنى:
لا تقرّوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلّا لمن تبع دينكم، كما تقول:
أقررت لزيد بألف، فيكون اللام متعلقا بالمعنى، ولا تكون زائدة على حدّ إن كنتم للرءيا تعبرون [يوسف/ 43] ولكن متعلق بالإقرار.
فإن قلت: فهذا فعل قد تعلّق بجارّين. فإن الجارّين [لم
__________
(1) البيت لعامر بن الطفيل من أصمعية برقم 78 ص 216 قالها في يوم الرقم كما في معجم البلدان 3/ 456 (ضرغد) وهي المفضلية رقم 107 ص 363 وفي الكتاب 1/ 82، 109، وابن الشجري 2/ 248 والخزانة 1/ 470 وشرح أبيات المغني 8/ 4. قال ابن الأنباري في شرح المفضليات ص 712. قال الأثرم: الملا: من أرض كلب، وعوارض: جبل في بلاد بني أسد، واللابة:
الحرة. وضرغد: من أرض العالية. ولابة ضرغد: حرة لبني تميم اهـ ورواية المصنف رواية الأصمعيات ويروى البيت فلأنعينّكم، بالعين المهملة قبلها نون ولأهبطنّ، بدل: لأقبلنّ. كما في المفضليات.
(2) في (م): «الخيل» بدون حرف جار، والتقدير جرى عليه.