وقال أبو عبيدة: تعصرون: تنجون. وأنشد للبيد «1»:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم ... وما كان وقّافا بغير معصّر
قال: والعصر: المنجاة «2»، قال عدي «3»:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصاري
فأما من قال: يعصرون بالياء «4»، فإنه جعل الفاعلين الناس، لأن ذكرهم قد تقدّم هذا الفعل.
ومن قال: تعصرون، وجّه الخطاب إلى المستفتين الذين قالوا: أفتنا في كذا، وعلى هذا قالوا: إلا قليلا مما تحصنون [يوسف/ 48]، إلا أن الناس أقرب إلى الفعل منهم ويجوز: أن يكون أريد المستفتون وغيرهم، إلا أنه حمل الكلام
__________
(1) في الديوان برواية (بدار معصّر) والمعصر: الملجأ والحرز (ديوانه/ 68).
(2) مجاز القرآن 1/ 313. وقد خطأ أبا عبيدة في تفسيره هذا الطبري، فقال في جامع البيان 12/ 233: وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب يوجه معنى قوله: (وفيه يعصرون) إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من العصر، والعصر التي بمعنى المنجاة من قول أبي زبيد البيت ... الخ.
(3) هو من شواهد سيبويه 1/ 462 والاشتقاق 269، والخزانة 3/ 594 والبحر المحيط 5/ 316. واللسان مادة/ عصر/.
(4) في الأصل (تعصرون) بالتاء. والوجه ما أثبتناه.