كتاب الحجة للقراء السبعة (اسم الجزء: 5)
فقوله: المغلة في وصف الجنّة يدلّ على أن الجنة يكون فيها الزرع، لأن الغلّة إنّما هي ممّا يكال بالقفيز في أكثر الأمر، وممّا يقوّي ذلك قول زهير «1»:
فتغلل لكم ما لا تغلّ لأهلها ... قرى بالعراق من قفيز ودرهم
فبين الغلة بالقفيز والدرهم، ومن ذهب من الفقهاء إذا قال: أوصيت له بغلّة هذه القرية، أنّه يكون على ما فيه في الحال، والثاني، والثمرة على ما كان وقت الكلام للوصيّة دون ما يحدث من بعد يشهد له بيت زهير.
فإذا اجتمع النخل والكرم في أرض سمّيت جنّة بدلالة قوله: وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب [يس/ 34] وقوله: أو تكون لك جنة من نخيل وعنب [الإسراء/ 91]، وهذا يقوّي قول من جرّ النخيل في قوله: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل)، لأنّه قد ثبت أنّ الجنّة تكون من الكرم والنخيل في الآيتين اللتين تلوناهما. والصّنوان فيما يذهب إليه أبو عبيدة، صفة للنخيل قال: والمعنى أن يكون الأصل واحدا، ثم يتشعب من الرءوس فيصير نخلا ويحملن. قال: وقال:
(وتسقى بماء واحد)، إنما تشرب من أصل واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل وهو الثمر «2».
__________
(1) شرح ديوان زهير ص 21. قال في معناه: إن هذه الحرب تغل لكم من هذه الدماء ما لا تغل قرى بالعراق: وهي تغل القفيز والدرهم- وهذا تهكم منه واستهزاء.
(2) انظر مجاز القرآن 1/ 322.
الصفحة 8
483