كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

المضاعف، كزكى تزكية. {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} يقال: شرقت الشمس تشرق - من باب نصر - شرقًا ومشرقًا، وهذا مشرق الشمس؛ أي: مكان شروقها، بالكسر على الشذوذ في المصدر والظرف كليهما، وقياسه: فتح مصدره وظرفه جميعًا، ويقال: غربت الشمس تغرب - من باب نصر - غربًا ومغربًا، وهذا مغرب الشمس؛ أي: مكان غروبها، بالكسر على الشذوذ فيهما، وقياسه: فتح مصدره وظرفه معًا.
{أُمَّةً وَسَطًا}: الوسط: الخيار أو العدل. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث رواه الترمذي كما مر في مبحث المناسبة تفسير الوسط هنا بالعدل، فوجب الرجوع إلى ذلك. ومنه قول الراجز:
لاَ تَذْهَبَنَّ في الأُمُوْرِ مُفْرِطَا ... لاَ تَسْألنَّ إِنْ سَأَلْتَ شَطَطَا
وَكُنْ مِنَ النَّاسِ جَمِيْعًا وَسَطَا
والآية تحتمل المعنيين، ومما يحتملها قول الآخر:
هُمْ وَسَطٌ تَرْضَى الأنَامُ بِحُكْمِهِمْ ... إِذَا نَزَلَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعَظَّمِ
ولما كان الوسط مجانبًا للغلو والتقصير .. كان محمودًا؛ أي: هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في عيسى، ولا قصّروا تقصيرَ اليهود في أنبيائهم.
{شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}: جمع شهيد من الشهادة. وقد اختص هذا اللفظ في عرف الشرع بمن يخبِر عن حقوق الناس بألفاظٍ مخصوصةٍ على جهات.
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}: و {نَرَى}: هنا مضارعٌ بمعنى الماضي، وقد ذكر بعض النحويين أن مما يصرف المضارع إلى الماضي {قَدْ} في بعض المواضع، ومنه {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ}، {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ}. ويقال: تَقَلَّب تقلُّبًا - من باب تفعَّل - إذا تحول عن وجهه، وتقلب على فراشه إذا تحول من جانبٍ إلى جانبٍ آخر، وتقلب في الأمور إذا تصرف فيها، وانتقل من أمرٍ إلى غيره.
{شَطْرَ الْمَسْجِدِ}: الشطر يكون بمعنى النصف من الشيء والجزء منه. ومنه

الصفحة 22