كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا} الأصل (¬1) في ترى ترأى مثل يرعى إلا أن العرب اتفقوا على حذف الهمزة في المستقبل تخفيفًا، ولا يقاس عليه، وربما جاء في ضرورة الشعر على أصله، ولما حذف الهمزة .. بقي آخر الفعل ألفًا، فحذفت في الجزم والألف منقلبة عن ياء، وأما في الماضي: فلا تحذف الهمزة.
{وَهُمْ أُلُوفٌ}: جمع أَلْف، والأَلْف عدد معروف، وجمعه في القلة آلاف، وفي الكثرة ألوف، ويقال آلفت الدراهم، وآلفت هي، وقيل: ألوف جمع آلف كشاهد وشهود.
{قَرْضًا} القرض: القطع بالسكين، ومنه سمي المقراض؛ لأنه يقطع به، وقال ابن كيسان: القرض أن تعطي شيئًا ليرجع إليه مثله، ومنه يقال: أقرضت فلانًا؛ أي: قطعت له قطعة من المال، والقرض: اسم مصدر لأقرض، والمصدر الإقراض، ويجوز أن يكون القرض هنا بمعنى: المقروض كالخلق بمعنى المخلوق، فيكون مفعولًا به.
{أَضْعَافًا} جمع (¬2) ضعف، والضعف هو العين، وليس بالمصدر، والمصدر الأضعاف أو المضاعفة، فعلى هذا: يجوز أن يكون حالًا من الهاء في يضاعفه، ويجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا على المعنى؛ لأن معنى يضاعفه يصيره أضعافًا، ويجوز أن يكون جمع ضعف، والضعف اسم وقع موقع المصدر كالعطاء، فإنه اسم للمعطي، وقد استعمل بمعنى العطاء، فيكون انتصاب أضعافًا على المصدر.
البلاغة
{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا} وفي إيراد هذه (¬3) الشرطية بكلمة {إن} المنبئة عن عدم تحقق وقوع الخوف وقلته، وفي إيراد الشرطية الثانية بكلمة {إذا} المنبئة عن تحقق وقوع الأمن وكثرته مع الإيجاز في جواب الأولى، والإطناب في جواب الثانية من الجزالة ولطف الاعتبار ما فيه عبرة لأولي الأبصار.
¬__________
(¬1) العكبري.
(¬2) العكبري.
(¬3) أبو السعود.

الصفحة 385