كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

جبار من العمالقة من أولاد عمليق بن عاد، وكان في بيضته ثلاث مئة رطل من الحديد؛ أي: لا قدرة لنا اليوم بمحاربة جالوت {وَجُنُودِهِ} وكانوا مئة ألف رجل شاكي السلاح. {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ}؛ أي: يوقنون ويعلمون {أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ}؛ أي: ملاقوا ثواب الله ورضوانه في الدار الآخرة؛ وهم القليل الذين اقتصروا على الغرفة {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ} وقرأ أبي شذوذًا: {وكأين} وهي مرادفة لـ {كم} في التكثير؛ أي: كم من جماعة قليلة من المؤمنين {غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً}؛ أي: غلبت جماعة كثيرة من الكافرين {بِإِذْنِ اللَّهِ}؛ أي: بنصر الله تعالى إياهم، أو بقضاء الله وإرادته {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {مَعَ الصَّابِرِينَ} بالنصر والعون؛ أي: معين الصابرين على الحرب بالنصرة على أعدائهم.

250 - {وَلَمَّا بَرَزُوا}؛ أي: ولما برزوا طالوت وجنوده المؤمنون، وظهروا {لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} الكافرين، ودنوا منهم وصافوا لهم {قَالُوا}؛ أي: قال طالوت وجنوده جميعًا متضرعين إلى الله تعالى مستعينين به تعالى؛ أي: قالوا ملتجئين إلى الله بثلاث دعوات {رَبَّنَا أَفْرِغْ}؛ أي: اصبب {عَلَيْنَا صَبْرًا} على القتال والمخاوف والأمور الهائلة؛ أي: أفض علينا صبرا يعمنا في جمعنا، وفي خاصة أنفسنا لنقوى على قتال أعدائك، وهذه هي الدعوة الأولى. {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}؛ أي: أرسخها حتى لا تفر، أو قو قلوبنا لتثبت أقدامنا على مداحض القتال بكمال القوة عند المقارعة، وعدم التزلزل وقت المقاومة، وهذه هي الدعوة الثانية. {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} جالوت وجنوده؛ أي: أعنا وأظفرنا بقهرهم وهزمهم، وذلك لأن جالوت وقومه كانوا يعبدون الأصنام، وهذه هي الدعوة الثالثة، وفيها (¬1) ترتيب بليغ إذ سألوا أولًا إفراغ الصبر في قلوبهم الذي هو ملاك الأمر، ثم ثبات القدم في مداحض الحرب السبب عنه، ثم النصر على
251 - العدو والمترتب عليهما غالبًا. {فَهَزَمُوهُمْ}؛ أي: هزم طالوت وجنوده جالوت وجنوده؛ أي: كسروهم وغلبوهم وقهروهم وردوهم {بِإِذْنِ اللَّهِ}؛ أي: بنصره أو بقضائه وإرادته، أو بتمكين الله منهم إجابة لدعائهم {وَقَتَلَ دَاوُودُ}
¬__________
(¬1) البيضاوي.

الصفحة 395