كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

"البحر". {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}؛ أي: وليخشَ المدين ربه في أداء الدين عند حلول الأجل من غير مماطلة ولا إنكار، بل يعامل الدائن معاملة حسنةً، كما أحسن هو ظنه فيه {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} عند الحكم إذا دعيتم إلى أدائها بإنكار العلم بتلك الواقعة، أو بالامتناع من أدائها عند الحاجة إلى إقامتها، وفي "الجمل": الخطاب للشهود والمديونين، وشهادة المديونين على أنفسهم: إقرارهم واعترافهم بالدين. وقرأ السلمي شذوذًا: {ولا يكتموا} بالياء على الغيبة. {وَمَنْ يَكْتُمْهَا}؛ أي: الشهادة {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}؛ أي: فاجر قلبه؛ لأن كتم الشهادة من معارض القلب؛ لأن الشهادة علم قام بالقلب، فلذلك علق الإثم به، وهو من التعبير بالبعض عن الكل؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن في الجسد مضغةً إذا صلحتْ صلح الجسد كله، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب".
{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} من كتمان الشهادة وإقامتها، ومن الخيانة في الأمانة وعدمها {عَلِيمٌ} فيجازيكم على ذلك إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر. وقرأ السلمي شذوذًا: {بما يعملون} بالياء جريًا على قراءته الشاذة: {ولا يكتموا} بالياء على الغيبة.
الإعراب
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}.
{يَا}: حرف نداء، أيُّ: منادى نكرة مقصودة ها: حرف تنبيه زائد. {الَّذِينَ}: اسم موصول في محل الرفع صفة لـ {أيُّ}، وجملة النداء مستأنفة. {آمَنُوا}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول. {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، والظرف متعلق بالجواب الآتي. {تَدَايَنْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إِذَا} إليها على كونها فعل شرط لها: {بِدَيْنٍ}: جار ومجرور متعلق بـ {تَدَايَنْتُمْ} {إِلَى أَجَلٍ}: جار ومجرور متعلق بـ {تَدَايَنْتُمْ}، أو متعلق بمحذوف صفة لـ {دين} تقديره: مؤجل إلى أجل. {مُسَمًّى}: صفة لـ {أَجَلٍ}. {فَاكْتُبُوهُ} الفاء رابطة لجواب {إِذَا} وجوبًا {اكتبوه}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب {إِذَا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إِذَا} جواب

الصفحة 131