كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

الخسف والمسخ والقذف. {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}؛ أي: الجاحدين الذين عبدوا غيرك، وجحدوا وحدانيتك؛ أي: انصرنا عليهم في محاربتنا معهم، وفي مناظرتنا بالحجة معهم، وفي إعلاء دولة الإِسلام على دولتهم، فإن من حق المولى أن ينصر مواليه على الأعداء. روي أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دعا بهذه الدعوات قيل له عند كل كلمة: قد فعلت.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السادسة، وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض، فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها، فيقبض منها. قال: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)} قال: فراشٌ من ذهب. قال: فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثًا: أعطي الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، وغفر - لمن لا يشرك بالله من أمته شيئًا - المقحمات. أخرجه مسلم. المقحمات: الذنوب التي تولج مرتكبها النار، وأصل الاقتحام: الولوج.
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه" متفق عليه. معناه: كفتاه من كل ما يحذر من كل هامة وشيطان، فلا يقربه تلك الليلة. وقيل: كفتاه عن قيام الليل.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنده جبريل عليه السلام، إذ سمع نقيضًا من فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل من السماء إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال: أبشرْ بنورين أوتيتَهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته. أخرجه مسلم.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الله كتب لنا كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، أنزل فيه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليالٍ فيقربها شيطان".

الصفحة 152