كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

قبلها، فقلبت الواو ألفًا وهو هنا اسم مصدر بمعنى الرجوع، وقد يستعمل اسم مكان أو زمان تقول: آب يؤوب أوبًا وإيابًا، فالأوب والإياب مصدرين، والمآب اسم لهما، ذكره السمين.
{وَرِضْوَانٌ} بكسر الراء وضمها مصدران لـ (رضي) فهما بمعنى واحد، وإن كان الثاني سماعيًّا، والأول قياسيًّا، ونظير الكسر كالإتيان والقربان ونظير الضم كالشكران والكفران، فالكسر لغة أهل الحجاز والضم لغة تميم وبكر وقيس وغيلان وقيل الكسر للاسم ومنه: رضوان خازن الجنة، والضم للمصدر.
{بِالْأَسْحَارِ}: جمع سَحَر بفتح الحاء وسكونها، وقال قوم منهم الزجاج: السحر: الوقت الذي قبل طلوع الفجر، ومنه يقال: سحر إذا أكل في ذلك الوقت، واستسحر إذا سار فيه.
البلاغة
{مِنَ اللَّهِ}: فيه مجازٌ بالحذف، والأصل من عذاب الله. {شَيْئًا}: التنكير فيه للتقليل؛ أي: لن تنفعهم نفعًا ما ولو قليلًا. {وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ}؛ أي: أتى بالجملة الإسمية للدلالة على ثبوت الأمر وتحققه، وفيها التشبيه؛ لأنه شبههم بالحطب الذي لا ينتفع به إلا في الوقود، وفيها التأكيد؛ لأنه أكدها بلفظة {هُمْ}.
{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} فيه التفات عن الحاضر إلى الغيبة، والأصل: فأخذناهم.
{لِلَّذِينَ كَفَرُوا}: فيه ذكر العام وإرادة الخاص على قول عامة المفسرين: إن المراد بهم اليهود، وهذا من تكوين الخطاب.
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ} الأصل: آية لكم وقدم للاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر والتنكير في آية للتفخيم والتهويل؛ أي: آية عظيمة.
{فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} في هذا الكلام من المحسنات البديعية شبه احتباك، وهو أن يحذف من أحد متقابلين نظير ما اشتبه

الصفحة 221