كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

قول ما معكم.
وقوله: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} جواب قسم مقدر، وهذا القسم المقدر وجوابه خبر المبتدأ الذي هو {لَمَا آتَيْتُكُمْ} والهاء في {بِهِ} تعود على المبتدأ، ولا تعود على {رَسُولٌ} لئلا يلزم خلو الجملة الواقعة خبرًا من رابط يربطها بالمبتدأ، وقيل: إنَّ {لَمَا} مخفف لما، والتقدير: حين آتيتكم، ويأتي توجيه قراءة التشديد.
وقرأ حمزة: بكسر اللام مع تخفيف الميم في {لما} وعلى هذه القراءة يقرأ {آتيتكم} بالتاء فقط، فاللام في هذه القراءة للتعليل، متعلقة بـ {أَخَذَ} و {ما} موصولة و {آتَيْتُكُمْ} صلته والعائد محذوف، و {ثُمَّ جَاءَكُمْ} معطوف على الصلة، والرابط لها بالموصول إمَّا ضمير محذوف، وإمَّا هذا الظاهر الذي هو بمعنى الموصول، أعني قوله: {لِمَا مَعَكُمْ} كما مر آنفًا.
والمعنى على هذه القراءة: واذكر يا محمَّد لأهل الكتاب، قصة إذ أخذ الله ميثاق النبيين لرعاية الذي آتيتكم من الكتاب والحكمة. الخ، ففي هذه القراءة تقدير مضاف بعد لام التعليل.
وأجاز الزمخشري (¬1) في قراءة حمزة أنْ تكون (ما) مصدرية، وقال: معنى الكلام حينئذٍ لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة، ثم لمجيء رسول مصدق لِمَا معكم لتؤمنن به، قالوا: فهو مخالف لظاهر الآية؛ لأنَّ ظاهر الآية يقتضى أنْ تكون تعليلًا لأخْذِ الميثاق، لا لمتعلقه، وهو الإيمان، فاللام متعلقة بـ {أَخَذْ}، وعلى ظاهر تقدير الزمخشري تكون متعلق بقوله: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} ويمتنع ذلك من حيث إن اللام المتلقى بها القسم، لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وقال النسفي: والمعنى على كونها مصدريّة: أي أخذ الله ميثاقكم لتؤمنن بالرسول، ولتنصرنه، لأجل أنِّي آتيتكم الحكمة، وأن الرسول الذي آمركم بالايمان به ونصرته، موافق لكم غير مخالف. انتهى.
¬__________
(¬1) البحر المحيط.

الصفحة 403