كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

أمر، وفاعله ضمير يعود على إبراهيم، والجملة في محل النصب، معطوفة على جملة قوله: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} على كونها مقولًا لـ {قَالَ}. {أَنَّ}: حرف فصب ومصدر {اللَّهَ}: اسمها {عَزِيزٌ}: خبر أول لها. {حَكِيمٌ}: خبر ثانٍ، وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدرٍ سَادٍّ مسَدَّ مفعولَي {اعلم} تقديره: واعلم كون الله عزيزًا حكيمًا.
التصريف ومفردات اللغة
{حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ}: يقال حاجَّةُ محاجة إذا خاصمه وجادله. من باب: فَاعَل. والمحاجة: الغالبة من الجانبين. ومعنى: {حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}؛ أي: عارض حجته بمثلها، أو أتى على الحجة بما يبطلها، أو أظهر المغالبة في الحجة، ثلاثة أقوال.
{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}: على صورة المبني للمفعول، ومعناه على البناء للفاعل؛ كما سبق. وفي "القاموس": والبهت: الانقطاع والحيرة. وفعلُهما كعَلِم ونَصَر وكَرُم وزَهَي. وهو مبهوت، لا باهت ولا باهيت. اهـ. {كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ}: وأصل القرية من قريت الماء إذا جمعته، فالقرية مجتمع الناس {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} وفي "المصباح": خوت الدار تخوى من باب: ضَرَب خَوْيًا إذا خلت من أهلها، أو سقطت. وخواء أيضًا: بالفتح والمد. وخويت خوىً من باب: تعب لغة اهـ. والعُروشُ: جمعُ عرش: وهو سقف البيت، وكذلك كل ما هيء ليُستظل به. وقيل: هو البنيان نفسه.
{لَمْ يَتَسَنَّهْ} واشتقاقه من: السَّنَه، والهاء أصلية إِن قدِّرت لامَ السَّنَه هاءً؛ لقولهم في التصغير: سُنَيْهة، وفي الجمع: سَنَهات. وقالوا: سانهتُ وأسنهت عند بني فلان، وهي لغة الحجاز. وهاء السكت إن قُدرت لام الكلمة محذوفة للجازم، وهي ألف منقلبة عن واو عندما يُجعل لام السنه المحذوف واوًا؛ لقولهم: سنيته وسنوات، واشتق من الفعل فقيل: سانيت وأسنى وأسنتْ. أبدل من الواو تاء، وقيل أصله لم يتسنن؛ أي: لم يتغير من الحمأ المسنون، فأبدلت النون الثالثة ألفًا فرارًا من كراهة اجتماع الأمثال؛ كما قالوا: تَظَنَّى أصله: تظنن.

الصفحة 52