كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

على الخطاب، وفيه التفات؛ إذ فيه خروج من خطاب إلى غيبة.
{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ}؛ أي: إصابة القول والفعل والرأي. قرأ الجمهور: {يُؤْتَ} مبنيًّا للمفعول. وقرأ يعقوب: {ومن يؤتِ} بكسر التاء مبنيًّا للفاعل، وفاعله ضمير يعود على الله. وقرأ الأعمش شذوذًا: {ومن يؤته الحكمة} بإثبات الضمير الذي هو المفعول الأول، وفاعله ضمير عائد على الله تعالى؛ أي: ومن يعطِ الحكمة {فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}؛ أي؛ فقد أعطي خير الدارين {وَمَا يَذَّكَّرُ}؛ أي: ما يتفكر في الحكمة {إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}؛ أي؛ إلا أصحاب العقول السليمة من الركون إلى متابعة الهوى، أو المعنى: وما يتعظ بما وعظه الله إلا ذوو العقول الكاملة، الذين عقلوا عن الله أمره ونهيه، أو: العلماء العمال. والمراد به: الحث على العمل بما تضمنت الآيُ في معنى الإنفاق.
الإعراب
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}.
{مَثَلُ}: مبتدأ، {الَّذِينَ} مضاف إليه، ولكن لا بد من تقدير مضاف في أحد الجانبين؛ ليصح الإخبار: إما في الأول تقديره: مثل نفقات الذين ينفقون أموالهم كمثل حبة، أو في الثاني تقديره: مثل الذين ينفقون أموالهم كمثل باذر حبة. {يُنْفِقُونَ}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد ضمير الفاعل، {أَمْوَالَهُمْ}: مفعول به، ومضاف إليه {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: جار ومجرور وضاف إليه متعلق بـ {يُنفِقُونَ}، {كَمَثَلِ حَبَّةٍ}: جار ومجرور، ومضاف إليه، متعلق بمحذوف خبر المبتدأ؛ تقديره: مثل نفقاتهم كائن كمثل حبة، والجملة مستأنفة. {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}: فعل ومفعول به، ومضاف إليه مجرور بالفتح؛ لأنه على زنة مفاعل، وفاعله ضمير يعود على حبة، والجملة الفعلية في محل الجر صفة لـ {حَبَّةٍ}؛ تقديره: كمثل حبة منبِّتة سبع سنابل.
{فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ}.
{فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ} جار ومجرور، ومضاف إليه، متعلق بمحذوف خبر مقدم

الصفحة 68