كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

محل الرفع معطوفة أيضًا على جملة قوله: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} على كونها خَبرًا للمبتدأ الأول.
التصريف ومفردات اللغة
{فَنِعِمَّا هِيَ}: أصلها نعم ما، ونعم (¬1): فعل جامد ليس له مضارع ولا أمر ولا غيرهما. فليس من مباحث الصرفيين ما هو معلوم، ولكن نذكره هنا لأجل هذا الإدغام، فهو في الأصل من باب فَعِل المكسور كـ: علِم كما جاء في الشعر كذلك، إلا أنهم سكنوا العين، ونقلوا حركتها إلى النون ليكون دليلًا على الأصل. ومنهم من يترك النون مفتوحة على الأصل، ومنهم من يكسر النون والعين إتباعًا. وبكل قد قرئ في المتواتر كما سبق، وفيه قراءة أخرى أيضًا وهي: إسكان العين والميم مع الإدغام. وفيه بُعْدٌ لما فيه من الجمع بين الساكنين، ولكنه متواتر فلا بعد فيه.
{مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ}: السيئات: جمع سيئة، ووزنها: فيعلة، وعينها واو، والأصل: سيوئة، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياءً، وأدغمت الياء في الياء، فصار سيئة.
{مِنَ التَّعَفُّفِ} التعفف مصدر تعفف، - من باب: تفعَّل - تعففًا إذا أعرض عن الشيء، وتركه مع القدرة على تعاطيه. {بِسِيمَاهُمْ}: السيما (¬2) بالقصر: العلامة، ويجوز مدُّها، وإذا مدت .. فالهمزة فيها منقلبة عن حرف زائد للإلحاق، إما واو أو ياء فهي كـ: علياء ملحقة بـ: سرداح، فالهمزة للإلحاق، لا للتأنيث، وهي منصرفة لذلك. وسيما مقلوبة قدمت عينها على فائها؛ لأنها مشتقة من الوَسْم، فهي من السمة؛ أي: العلامة. فلما وقعت الواو بعد كسره قلبت ياء، فوزن سيما: عُفْلا، كما يقال: اضمحلَّ وامضحل.
{إِلْحَافًا} الإلحاف: (¬3) الإلحاح في المسألة والتمادي فيها، وهو مشتق من اللِّحافِ، سُمِّي بذلك لاشتماله على وجود الطلب في المسألة، كاشتمال
¬__________
(¬1) عكبري.
(¬2) الجمل.
(¬3) الشوكاني.

الصفحة 98