كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 8)

{وَلَا سَائِبَةٍ}: والسائبة هنا فيها قولان:
أحدهما: أنها اسم فاعل على بابه من ساب الماء يسيب - كباع يبيع - إذا جرى على وجه الأرض، يقال: ساب الماء، وسابت الحية، وهو مطاوع سيبته، يقال: سيبته فساب وانساب.
والثاني: أنها اسم فاعل بمعنى مفعول نحو قولهم: عيشة راضية؛ أي: مرضية، ومجىء فاعل بمعنى مفعول قليل جدًّا، نحو: ماء دافق اهـ "سمين".
{وَلَا وَصِيلَةٍ}: الوصيلة فعلية بمعنى: فاعلة؛ لأنها إذا كانت من الإبل .. هي الناقة تبكر فتلد أنثى، ثم تثنّي بولادة أنثى أخرى ليس بينهما ذَكَر، فيتركونها لآلهتهم، ويقولون: قد وصلت أنثى بأنثى ليس بينهما ذكر.
{وَلَا حَامٍ}: والحامي اسم فاعل من حمى يحمي، كرمى يرمي، فهو حام؛ لأنه حمى ظهره من الركوب والحمل. وقال بعضهم: هو الفحل يولد من صلبه عشرة أبطن فيقولون: قد حمى ظهره فيتركونه كالسائبة.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}: {تَعَالَوْا}: فعل أمر بمعنى أقبلوا، مبني على حذف النون، وأصله: تعالوون، تحركت الواو الأولى، وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، فصار: تعالاون، فالتقى ساكنان: الألف والواو، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، وحذفت النون للبناء؛ لأن فعل الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه، وهو بفتح اللام لكل مخاطب، ولو كان أنثى قال تعالى: {فَتَعَالَيْنَ}.
{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}: الشهادة مصدر: شهد يشهد شهادة من باب علم، والشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر أو بصيرة.
{إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ} يقال: ضرب في الأرض إذا سافر فيها {تَحْبِسُونَهُمَا}؛ أي: تمسكونهما وتمنعونهما من الانطلاق والهرب، والحبس مصدر حبس يحبس حبسًا من باب ضرب، والحبس: المنع من التصرف، يقال: حبست أحبس وأحبست فرسًا في سبيل الله، فهو محبس وحبيس إذا وقفته للغزو. {إِنِ ارْتَبْتُمْ}؛ أي: شككتم في صدقهما فيما يقران به {فَإِنْ عُثِر}؛ أي: اطلع، يقال: عثر على الرجل يعثر عثورًا من باب دخل ونصر، والعثور على الشيء: الاطلاع عليه من

الصفحة 134