كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 8)
ينع الثمر إذا نضج، وبابه ضرب وجلس وقطع وخضع انتهى.
{وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} يقال: خلق الكلمة واختلقها وخرقها واخترقها إذا ابتدعها كذبًا. وقال الراغب الخرق: قطع الشيء على سبيل الفساد، قال تعالى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} والخلق فعل الشيء بتدبير ورفق، والبدع بكسر أوله والبديع: الشيء الذي يكون أولًا، ومنه: البدعة في الدين. وقال الراغب: الإبداع: إنشاء صنعة بلا احتذاء ولا اقتداء، والبديع من أسمائه تعالى.
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} البصائر: جمع بصيرة، ولها عدة معان: منها: عقيدة القلب، والمعرفة الثابتة باليقين، والعبرة، والشاهد المثبت للأمر، والحجة، والقوة التي تدرك بها الحقائق العلمية، ويقابلها البصر الذي تدرك به الأشياء الحسية، والمراد بها هذا: الآيات الواردة في هذه السورة، أو القرآن بجملته. وفي "القاموس": البصر محركًا: حس العين، والجمع أبصار مثل سبب وأسباب، ومن القلب: نظره وخاطره، والبصير: المبصر - والجمع بصراء - والعالم، وبالهاء: عقيدة القلب والفطنة والحجة اهـ.
{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ}؛ أي: نأتي بها متواترة حالًا بعد حال مفسرين لها في كل مقام بما يناسبه.
{وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} يقال: درس الشيء يدرس أو باب نصر إذا عفا وزال، فهو دارس ودرسته الريح وغيرها، ودرس اللابس الثوب درسًا إذا أخلقه وأبلاه، فهو دريس، ودرسوا القمح إذا داسوه ليتكسر فيفرق بين حبه وتبنه، ودرس الناقة إذا راضها، ودرس الكتاب والعلم يدرسه درسًا ودراسة ومدارسة؛ أي: ذلله بكثرة القراءة حتى خف وسهل عليه حفظه أو ذلك، والمعنى العام للدرس: تكرار المعالجة وتتابع الفعل على الشيء حتى يذهب به، أو يصل إلى الغاية منه.
{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}؛ أي: حلفوا, وسُمي الحلف قسمًا؛ لأنه يكون عند انقسام الناس إلى مصدق ومكذب، والجهد بفتح الجيم: المشقة، وبضمها؛ الطاقة، ومنهم أو يجعلهما بمعنى واحد، وانتصب {جهد} على النيابة عن المصدر المنصوب. بـ {أقسموا}، أي: أقسموا جهد إقساماتهم، والأيمان
الصفحة 536
544