كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 8)

{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} والمراد بالبحر هنا: الماء الكثير الذي يوجد فيه السمك كالأنهار والآبار والبرك ونحوها، لا خصوص البحر المعروف. وصيد البحر: ما يصاد منه مما يعيش فيه عادة، وطعامه ما قذف به إلى ساحله.
{مَتَاعًا} اسم مصدر لمتع المضعف، يقال: متَّع يمتع تمتيعًا ومتاعًا فهو بمعنى: التمتيع. والسيارة: جماعة المسافرين يتزودون منه، وهي مؤنث سيَّار، وهي القافلة، وأصلها: القوم يسيرون، تجمع على سيارات.
{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}: والكعبة لغة: كل بيت مربع، وسميت الكعبة كعبةً لذلك، وأصل اشتقاق ذلك من الكتب الذي هو أحد أعضاء الآدمي. قال الراغب: كعب الرجل الذي هو عند ملتقى الساق والقدم، والكعبة: كل بيت على هيئتها في التربيع، وبها سميت الكعبة، وذو الكعاب بيت كان في الجاهلية لبني ربيعة، وامرأة كاعب إذا تكعب ثدياها. {قِيَامًا لِلنَّاسِ}: والقيام مصدر كالصيام، ويقال: هذا قيام له وقوام له، وكأنهم ذهبوا في قيام إلى أنه ليس بمصدر، بل هو اسم كالسواك، فلذلك صحت الواو: قال الشاعر:
قِوَامُ دُنْيَا وَقِيَامُ دِيْنِ
وإذا لحقته تاء التأنيث .. لزمت الياء، قالوا: القيامة، ذكره أبو حيان في "البحر". وأصل قيامًا: قوامًا، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، فصار: قيامًا، ثم كسرت القاف لمناسبة الياء.
{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}: البلاغ اسم مصدر لبلغ تبليغًا قائم مقام المصدر. ويحتمل (¬1) أن يكون مصدر البلغ المشدد على حذف الزوائد، فمعنى البلاغ: التبليغ، وقيل: البلاغ والبلوغ مصدران لبلغ الثلاثي، وإذا كان مصدرًا لبلغ بمعنى: وصل فبلاغ الشرائع إلى المرسل إليهم؛ أي: وصولها إليها مستلزم لتبليغ من أرسل إليهم بها، فعبَّر باللازم عن الملزوم.
¬__________
(¬1) البحر المحيط.

الصفحة 97