كتاب تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (اسم الجزء: 9)

العذاب. وقال الراغب: ويقال: مطر في الخير، وأمطر في العذاب قال تعالى: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} وهذا مردود بقوله تعالى: {عارِضٌ مُمْطِرُنا} فإنهم إنما عتوا بذلك الرحمة، وهو من أمطر رباعيا، ومطر وأمطر بمعنى واحد يتعديان لمفعول واحد، يقال: مطرتهم السماء وأمطرتهم، وقوله: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ} ضمن معنى أرسلنا، ولذلك عدو يعلى، وعلى هذا فمطرا مفعول به؛ لأنه يراد به الحجارة، ولا يراد به المصدر أصلا إذا لو كان كذلك؛ لقيل إمطارا، اه «سمين».
{فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ} والكيل (¬1): مصدر كنى به عن الآلة التي يكال بها كقوله في هود: {الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ}، فطابق قوله: {وَالْمِيزانَ} وهو باقي على المصدرية، وأريد بالميزان المصدر كالميعاد لا الآلة، فتطابقا، أو حمل الميزان على حذف مضاف؛ أي: ووزن الميزان والكيل على إرادة المكيال، فتطابقا.
{وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ} يقال: بخسه حقه؛ أي: نقصه {وَلا تُفْسِدُوا} والإفساد شامل لإفساد نظام الاجتماع بالظلم، وأكل أموال الناس بالباطل، وإفساد الأخلاق والآداب بارتكاب الإثم والفواحش، وإفساد العمران بالجهل وعدم النظم.
{بَعْدَ إِصْلاحِها} وإصلاح الأرض هو إصلاح حال أهلها بالعقائد الصحيحة، والأعمال الصالحة المزكية للأنفس، والأعمال المرقية للعمران المحسنة لأحوال المعيشة. {بِكُلِّ صِراطٍ} الصراط: الطريق المحسوس.
{تُوعِدُونَ}؛ أي: تخوفون الناس بالقتل والضرب. وفي «القاموس» الوعيد: التهديد، والتوعد: التهدد كالإيعاد. اه. ثم قال: وهدده خوفه. اه.
¬__________
(¬1) البحر المحيط.

الصفحة 444